أثار ظهور الممثل السوداني عبد الله عبد السلام، المعروف باسم “فضيل”، في مقطع فيديو متداول على منصات التواصل الاجتماعي موجة من الجدل الحاد، بعد أن وجّه انتقادات لثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير. الفيديو، الذي خُصص لتوجيه رسالة مباشرة إلى وزير التربية والتعليم، تضمّن اعتراضًا صريحًا من فضيل على إدراج درس بعنوان “حرية، سلام، وعدالة” في المنهج الدراسي للصف الرابع الابتدائي، وهو درس يُوثق شعارات الثورة. ووصف فضيل ثورة ديسمبر بأنها “أسوأ ثورة مرت في تاريخ السودان”، وهو تصريح أثار استياءًا واسعًا واعتُبر من قبل كثيرين مسيئًا لتضحيات الشعب السوداني.
عقب انتشار الفيديو، انهالت الانتقادات على الممثل من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، حيث اعتبر ناشطون ومستخدمون أن تصريحاته تمثل إهانة مباشرة لدماء الشهداء الذين ارتقوا في سبيل الحرية والكرامة. وكتب الناشط محمد محمد جعفر تعليقًا شديد اللهجة، مؤكدًا أن ثورة ديسمبر كانت نقطة تحول تاريخية أرادها الشعب السوداني للخروج من الانكسار إلى الازدهار. كما هاجمه مستخدمون آخرون بوصفه “أسوأ ممثل مرّ على تاريخ الفنون”، فيما أشار البعض إلى أن من لا يعجبه المنهج الوطني يمكنه تعليم أبنائه في دول أخرى. واعتبر كثيرون أن تصريحات فضيل تمثل استفزازًا غير مبرر لذاكرة وطنية لا تزال حية في وجدان السودانيين.
في سياق متصل، كتب محمد أبوبكر أن ثورة ديسمبر ستظل راسخة في الوعي الجمعي، يتوارثها جيل بعد جيل حتى تتحقق شعاراتها في الحرية والسلام والعدالة. ويرى مراقبون أن تصريحات فضيل، رغم أنها تعكس موقفًا شخصيًا، أعادت فتح نقاش واسع حول موقع الثورة في الذاكرة الوطنية، ودور الفنون والإعلام في حماية مكتسباتها. ويؤكد هؤلاء أن التعبير الفني، خاصة في سياقات ما بعد الثورات، لا يمكن فصله عن المسؤولية الأخلاقية تجاه الأحداث المفصلية التي شكّلت وجدان الأمة، وأن أي محاولة لتقويض هذه الرمزية تُعد مساسًا بقيم التغيير التي دفع السودانيون ثمنها باهظًا.
تأتي هذه الواقعة في ظل جدل متجدد في السودان حول المناهج التعليمية ودورها في توثيق الأحداث التاريخية الكبرى، وفي مقدمتها ثورة ديسمبر. ويؤكد تربويون ومؤرخون أن إدراج الثورة في المناهج الدراسية لا يمثل فقط توثيقًا لحدث سياسي، بل هو ترسيخ لقيم الحرية والعدالة التي ناضل من أجلها الشعب السوداني. ويشيرون إلى أن ثورة ديسمبر لا تزال حاضرة بقوة في وجدان قطاعات واسعة من المجتمع، بوصفها محطة تاريخية لا يمكن تجاوزها أو الانتقاص من مكانتها، وأن أي محاولة لتهميشها أو تشويهها ستُقابل برفض شعبي واسع، خاصة في ظل استمرار التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجه البلاد.
مدونة سودانية - السودان - الراكوبة نيوز - فضيل