رأى رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس أن أعمال العنف التي يشهدها إقليم دارفور قد ترقى الى “جرائم ضد الإنسانية”.
وأشار بيرتس في بيان الثلاثاء إلى أنه منذ اندلاع المعارك الأخيرة في أبريل/ نيسان “استمرت الأوضاع الأمنية وحقوق الإنسان والوضع الإنساني في التدهور السريع في جميع أنحاء البلاد، لا سيما في مناطق الخرطوم الكبرى ودارفور وكردفان”.
وتدور منذ 15 أبريل معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو. وتتركز المعارك في الخرطوم وفي إقليم دارفور الذي عانى بدوره على مدى عقدين من النزاعات الدامية.
وأضاف المبعوث الأممي: “مع استمرار تدهور الوضع في دارفور، يساورني القلق بشكل خاص إزاء الوضع في الجنينة (غرب دارفور) في أعقاب موجات العنف المختلفة منذ أواخر أبريل والتي اتخذت أبعادًا عرقية”.
وتحدث بيرتس عن “نمط ناشئ من الهجمات واسعة النطاق التي تستهدف المدنيين على أساس هوياتهم العرقية والتي يُزعم أنها ارتُكِبَت من قبل ميليشيات عربية وبعض الرجال المسلحين الذي يرتدون زي قوات الدعم السريع. هذه التقارير مقلقة للغاية، وإذا تم التحقق منها، فقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية”.
وقُتل أكثر من 1800 شخص، من بدء الصراع، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.
ووفق أرقام الأمم المتحدة، تسبّب النزاع بنزوح نحو مليوني شخص.
وكان حاكم دارفور مني ميناوي الذي دعا السكان مؤخرًا الى حمل السلاح، قد أعلن مطلع يونيو/ حزيران أن الإقليم بات “منطقة منكوبة”.
وتحدث عن “انتهاكات فظيعة” يرتكبها المسلّحون في الإقليم، ودان “أعمال النهب والقتل” التي تحصل في مناطق عدة. وقال: “نعلن دارفور منطقة منكوبة نطالب العالم بإرسال مواد إنسانية عبر كل الحدود وبكل الوسائل المتاحة”.
والسبت، اعتبر ميناوي عبر تويتر أن “ما جرى ويجري في مدينتي الجنينة وكتم (في ولاية شمال دارفور)، لا يمكن أن يمر من دون تحقيق دولي”.
كما سبق لوالي ولاية غرب دارفور خميس عبد الله أبكر أن حذّر من أن “الوضع في الولاية حالة كاملة من الانفلات”.
وشهد إقلم دارفور في بداية الألفية الثالثة، نزاعًا داميًا أدى الى مقتل 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة.
ووجّهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات الى البشير وعدد من مساعديه، بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور.
وخلال النزاع في دارفور، لجأ البشير الى ميليشيا “الجنجويد” لدعم قواته في مواجهة أقليات عرقية في الإقليم الحدودي مع تشاد. ونشأت قوات الدعم السريع التي أسست رسميًا عام 2013 من رحم هذه الميليشيات.
وأعرب بيرتس عن إدانة الأمم المتحدة “بأشد العبارات جميع الهجمات التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية مهما كان شكلها وأيا كان مرتكبوها المزعومون”، مشددًا على ضرورة “أن تفيَ قوات الأمن والجهات المسلحة غير الحكومية بواجبها بموجب القانون الإنساني الدولي المتمثل باحترام الحق في الحياة والامتناع عن الهجمات ضد المدنيين”.
والأسبوع الماضي، اعتبرت الحكومة السودانية بيرتس شخصًا “غير مرغوب فيه”، لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جدّد ثقته به.
وسبق أن طلب البرهان استبدال بيرتس متهمًا إياه بتأجيج النزاع.
وفي هذا الإطار، يقول أستاذ العلوم السياسية محمد ضياء الدين إن الصراع في دارفور “له أبعاد عرقية متجذرة منذ بداية الصراع في الإقليم وجزء من القوات المسلحة قامت على البعد العرقي كما تم إنشاء قوات حرس الحدود وقوات الدعم السريع، هذه جميعها تم تأسيسها على أساس أبعاد عرقية”.
ويضيف في حديث إلى “العربي” من الخرطوم أن الأوضاع اليوم في دارفور “تسير نحو الحرب الأهلية ونحو المواجهات العرقية كما يحدث في مدينة الجنينة التي تعيش وضعًا مأساويًا مع عدم تدخل المؤسسات الدولية لوضع حد لما يجري”.
قناة العربي.